الرقة | مؤسسة خطوات سوريا – منظمة العدالة من اجل الحياة
الرقة، 7 يوليو 2025 – في خطوة لبلورة تصور مجتمعي شامل للعدالة الانتقالية في سوريا ما بعد التحرير، نظمت مؤسسة خطوات سوريا للتنمية المجتمعية بالتعاون مع منظمة العدالة من أجل الحياة، ندوة حوارية بعنوان “العدالة الانتقالية من منظور محلي” في مدينة الرقة. شارك في الجلسة 14 شخصًا من خلفيات متنوعة، شملت ممثلين عن منظمات المجتمع المدني، مؤثرين مجتمعيين، نشطاء حقوقيين، ممثلين عن السلطات المحلية، وأحزاب سياسية.
العدالة بعد الحروب: رؤى من قلب المجتمع
جاءت الندوة بهدف تشكيل تصور أولي عن شكل العدالة الانتقالية الذي يحقق رضا المجتمعات السورية، في ظل الفرصة التاريخية المتاحة لضحايا الانتهاكات بعد سقوط النظام. افتتح اللقاء بالترحيب بالمشاركين ونشاط تعارفي طرح سؤالاً جوهريًا: “إذا طلبت منك أن تكتب رسالة للجيل القادم عن ‘العدالة بعد الحروب’، ماذا ستكتب في سطر واحد فقط؟” تنوعت الإجابات لتؤكد على أهمية جبر الضرر، المحاسبة، التوثيق، والتعليم كركائز للعدالة.
شارك المدرب جلال الحمد، المدير التنفيذي لمنظمة العدالة من أجل الحياة، عبر الإنترنت، مؤكدًا أن رضا المجتمعات المحلية أساسي لتحقيق العدالة، وأن مسارها يبدأ من الشارع ويتصاعد نحو رأس الهرم.
مراسيم العدالة الانتقالية: آمال وتخوفات
ناقش المشاركون المرسومين (19 و20) الصادرين مؤخرًا عن الحكومة السورية الانتقالية، والتي تتعلق بتشكيل الهيئة العليا للمفقودين والهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية. ورغم الترحيب بتشكيل هذه الهيئات كاستجابة لمطالب شعبية، أبدى المشاركون قلقًا وشكوكًا حول آليات التطبيق، وغياب الشفافية، ومدى شمولية المحاسبة لجميع مرتكبي الانتهاكات دون استثناء.
دور المجتمع المدني والإعلام في ترميم مسار العدالة
دار نقاش معمق حول الأدوار التي يمكن أن يلعبها المجتمع المدني، الإعلام، النساء، والشخصيات المؤثرة في ترميم المرسوم 20 ودعم مسار العدالة الانتقالية. أكد المشاركون على ضرورة وجود إعلام مستقل للرقابة والتوثيق، وأهمية تثقيف الناس بالمراسيم وحقوقهم، وحشد الشارع للمطالبة بالعدالة.
وقد تم التأكيد على أن المجتمع المدني يجب أن يكون له دور فعال في التوثيق وجمع الأدلة، وتقديم التدريبات للمجتمع المحلي حول العدالة الانتقالية، والتواصل مع المنظمات المتخصصة. كما يجب أن يكون للمجتمع المحلي دور في التوثيق، وللنساء دور لا يتم تهميشهن فيه، وللشخصيات المفتاحية دور في التأثير المجتمعي والتوعية وفض النزاعات والمصالحة. أما الإعلام، فيجب أن يكون شفافاً ومحايداً، لا مسيساً، وأن يسلط الضوء على القضايا المجتمعية ومسار العدالة الانتقالية.
تطرقت المداخلات إلى تحديات مثل غياب التمثيل الفعال لأهالي الضحايا في الهيئات، عدم وجود خطة عمل واضحة، وتشتت الفصائل المتورطة. كما تم التأكيد على أن العدالة الانتقالية ليست انتقامًا، بل إطار لمعالجة الانتهاكات وتحقيق الإنصاف والمصالحة، وأنها مسار طويل ومعقد ولكنه ضروري للاستقرار.
تحديات العدالة الانتقالية: رؤى متعددة
واجه النقاش تحديات عديدة، منها عدم وجود ضوابط واضحة للتجريم والأحكام، وغياب عملية توثيق منظمة ودقيقة للانتهاكات. كما أن ثقافة الانتقام والثأر في المجتمعات تشكل عائقاً. أشار المشاركون إلى أن النظام السابق وضع قوانين تخدم مصالحه وتضعف الشعور الوطني، وصنعت شروخات بين الطوائف. وتساءلوا عن معايير تحرير السجناء والعفو، مؤكدين أن حق الضحية الخاص لا يسقط بالعفو العام.
كما برزت تحديات تتعلق بوجود فئات وفصائل متعددة متورطة في الانتهاكات، مما يساهم في تمييع المحاسبة. وأكد المشاركون أن عدم تفعيل دور المؤسسة القضائية يؤدي إلى أخذ الناس حقوقهم بأيديهم. كما تم طرح قضايا الاستيلاء على الأراضي والممتلكات كنزاعات قائمة تتطلب حلاً.
وأكد المدرب أن السياق السوري ليس واحداً، فلكل منطقة خصوصيتها في الانتهاكات، وأن هذا السياق هو من يحدد آليات تحقيق العدالة. وشدد على أن العدالة الانتقالية هي “منتج مجتمعي خالص” له محددات (المساواة، الشمولية، عدم التمييز)، وأن جهود المجتمع المدني كانت حاسمة في كشف الحقائق وتوثيقها.
أظهرت الندوة أن المجتمع المحلي في الرقة لديه فهم وتصور واضح حول العدالة الانتقالية، وقادر على تحليل السياق المحلي والوطني، ولديه الرغبة في طرح الحلول والتوصيات لتحقيق العدالة المنشودة. تؤكد مؤسسة خطوات سويا للتنمية المجتمعية التزامها بمواصلة دعم هذه الجهود لضمان بناء سوريا تقوم على العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان.
خطوات سوريا بالتعاون مع JFL يقيمان جلسة في الرقة تناقش دور السوريين في تحقيق العدالة الانتقالية
https://www.facebook.com/share/v/1CXQyX72DP



